الرئيسية / غير مصنف / من الإدمان إلى التعافي (5)

من الإدمان إلى التعافي (5)

جريدة البلاد – العدد 2618 الثلاثاء 15 ديسمبر 2015 

بقلم هدى هزيم: قصة “زوجة متعاف”، رحلة كفاح امرأة حديدية، الحب والخوف على أولادها وراء صبرها، تحملت الصعاب حتى وصلت إلى بر الأمان. أرويها كما حكتها لي:
أحببت ابن عمتي بجنون، وأنا طالبة في الثانوية، يكبرني عشر سنوات، كان مميزاً بأخلاقه وحبه الخير، ورغم ذلك وقع في مشكلة الإدمان، صارحني قبل الزواج، تمسكت به، لصغر سني وعدم وعيي بمشكلة الإدمان.
أصر على تخرجي من الثانوية قبل مرحلة الإنجاب، عشنا خمس سنوات في حب وأمل الخلاص من الإدمان، في عمر (22) أنجبت طفلي الأول والثاني، ورغم استمراره في التعاطي، كان مهتماً بمسؤولياته الأسرية، متعلقاً بأولاده.
شجعته على التوقف، يمتنع فترة ويعود، للأسف تمكن المخدر من جسمه وعقله، بعد 12 عاماً من الزواج، بدت علامات الإدمان واضحة عليه، خلالها أنجبت طفلي الثالث والرابع، وبدأت أركز على تربية أولادي. زادت حدة الخلافات ووصل الأمر الى ضربي بسبب عصبيتي معه.
كان يتألم من إدمانه، يمتنع ثم ينتكس، سافرنا لإبعاده عن التعاطي وإقناعه بالتوقف دون فائدة. عاقبته بالابتعاد، وحين يعود لرشده، يقبل رأسي ويوصيني على الأولاد ويصبرني، كان في صراع نفسي مرير بين حاجته المخدر، وحبه أولاده. عرفت متأخراً أن قرار التوقف لا يكفي دون علاج وتأهيل. هنا الحلقة المفقودة في حياة كل مدمن وأهله!
لا يمكن وصف عذاب الزوجة والمواقف الصعبة التي تعيشها وقت تعاطيه وتدهور حالته من الجرعات الزائدة وتكرار إغمائه، وكيفية إخفاء الأمرعلى الأولاد ومواجهة الأهل. آلام وتفاصيل أخرى يصعب سردها.
في أحد الأيام قبضوا عليه بسبب التعاطي، سجن لمدة شهر، بعدها اتجه الى وحدة المؤيد، كبرت مسؤولية الأولاد، وتعذبت أكثر، لأن أكبرهم بلغ 13 عاماً وبدأو يفهمون ما يدور حولهم. أخذتهم وعشت لمدة عام في بيت أهلي، كان يزورنا باستمرار ويلبي احتياجاتنا.
تكرر غيابه عن العمل، وعاد للتعاطي. بعدها بفترة، زاره أحد أصدقائه بعد تعافيه أثر علاجه في جمعية التعافي بالحد، اقتنع بالفكرة، ووقفت بجانبه، وهنا بداية رحلة التعافي. رحبوا به في الجمعية، لكنه لم يتحمل الأعراض الانسحابية للمخدر، خرج وعاد للتعاطي، زرته في بيت أهله وعاتبته بعنف.
وقبل عام تقريباً، قرر العودة لجمعية التعافي، أقام لمدة شهر كامل، استمر تعافيه بالجمعية من خلال البرامج العلاجية والتأهيلية على يد متخصصين. رجعت للبيت، ورجع لوظيفته، واستمر مع الجمعية وحضور اجتماعات زمالة المدمنين المجهولين، حتى تعافى تماماً وعاد للحياة وبيته وأولاده.
أشكر كل العاملين في جمعية التعافي على ما قدموه لي من دعم وإرشاد لمساعدة زوجي على التعافي، واندماجه في الأسرة والمجتمع. وهي أهم وأخطر مرحلة في العلاج، حيث يحتاج المدمن وأقرباؤه الى برامج إرشادية لمنع انتكاسته، فالإدمان الجسمي ينتهي خلال أسبوع، لكن آثاره المدمرة على العقل والنفس، تظل فترة طويلة، وهذه المرحلة لا يمكن تخطيها إلا بتلك البرامج الإرشادية والتأهيلية.
اليوم وبعد 16 عاماً من الكفاح والصبر، زوجي متعاف، بفضل الله وجهود جمعية التعافي وزمالة المدمنين. أناشد الدولة وجميع البنوك والشركات الوطنية دعم برامج الجمعية، لتنظيم برامج تأهيل للمتعافين وأسرهم. وأيضا برامج لتوعية أولياء الأمور وطلبة المدارس. وأتمنى دعم زمالة المدمنين ومنحهم مقرات دائمة لعقد اجتماعاتهم، وأقترح فصل المدمنات في الاجتماعات العلاجية بالزمالة عن المدمنين، لتوفير مجال أكبر من الحرية والخصوصية.
رسالتي لكل زوجة مدمن: استعيني بالله والدعاء وتسلحي بالصبر، وتمسكي بأولادك وزوجك، عامليه كمريض وليس كمجرم، سامحيه، لأن المخدر يفقده عقله، فلا يعي أفعاله وأقواله.

Top