الرئيسية / غير مصنف / من الإدمان إلى التعافي (3)

من الإدمان إلى التعافي (3)

جريدة البلاد الأربعاء 09 ديسمبر 2015 العدد2612

بقلم هدى هزيم: أكمل قصة يوم أمس عن “المدمن المتعافي”، قصة فيها عبر وتفاصيل مؤثرة، أتمنى أن يقرأها كل شاب فيتعظ، وكل مدمن، ليعرف طريق النور والتعافي. يرويها صاحب القصة كالتالي: بدأت أحضر اجتماعات زمالة المدمنين المجهولين، وأستمع لحديث المتعافين، وظللت هناك 8 سنوات أمتنع فترة لتأثري بالاجتماعات وأنتكس فترة أخرى فأعود للتعاطي. وخلال تلك المرحلة سافرت الى إحدى الدول لأشتري المخدر، قبضوا علي أثناء التعاطي. سجنت هناك لمدة (3) أسابيع تحت ظروف قاسية وسيئة جداً، وأفرج عني لأن قضيتي كانت التعاطي وليس التهريب، بعدها أقمت مع صديق بدولة خليجية نتشارك التعاطي. كنت أنتظر الموت في أية لحظة من جرعة زائدة، قطعت علاقتي بأهلي وطلقت زوجتي، يأست من نفسي واخترت العيش مع المخدر.
بعد ثلاث سنوات، سقطت في الشارع من تأثير الجرعة، أخذوني المارة للمستشفى واتصلوا بأهلي في البحرين، زارني أخي وأختي الأصغر، لم يعرفاني من أثر الإدمان، وسمعت الطبيب يخبرهم أنني لن أعيش أكثر من 3 شهور.
رجعت للبحرين، ومن المطار الى المستشفى لتدهور صحتي، قررت الانتحار، فهربت من المستشفى بحالة مزرية وأخذت حقنة وكمية من الحبوب لأتخلص من حياتي، أنقذوني في آخر لحظة، وضعني أهلي في غرفة بمنزل والدي، جفت عروقي، ولم أكن أقوى على الحركة أو تناول الطعام، عانيت آلاماً جسمية ونفسية لا يمكن وصفها، تمنيت الموت مع كل نفس أتنفسه.
وفي الصباح هربت من المنزل كالمجنون، وركبت النقل العام متوجهاً الى اجتماع زمالة المدمنين المجهولين، وفي الجلسة النقاشية أخبرتهم بحالي، وأنني سأتوجه فور خروجي الى غرفتي وأنتحر شنقاً. هنا احتضنني “المرشد” بالزمالة، وأوصلني الى المنزل، وحاول صرفي عن فكرة الانتحار دون فائدة، ولأنه ذو خبرة في التعامل مع المدمنين، طلب مني تأجيل فكرة الانتحار يوما واحدا، وحضور اجتماع الزمالة في اليوم التالي. تلك اللحظة كانت بداية طريق التعافي، وهذا المرشد أرسله الله لينقذ حياتي، أخذ بيدي وساعدني على الخروج من حفرة الموت الى الحياة ولم يتركن منذ 16 عاماً الى هذه اللحظة.
حضرت الاجتماع اليوم الثاني، واستمر حضوري الاجتماعات، واستطعت التخلص من فكرة الانتحار، وامتنعت عن التعاطي بفضل من الله والمرشد. تلقيت النصح والإرشاد النفسي والروحي من خلال مبادئ العلاج في الزمالة، الى أن تخلصت من أثر الإدمان نهائياً. ولدت من جديد، وإلى اليوم لا أصدق أحيانا أنني حي، بعد أن كانت بيني وبين الموت شعرة. خرجت من الظلمة الى النور، عرفت ربي، وبدأت أتكيف مع الحياة، استمر وجودي في الزمالة دون انقطاع، شاركت في اجتماعات ومؤتمرات الزمالة في الخارج، وفي احتفال تأسيس الزمالة في دبي، وشاركت في تأسيس الزمالة في الرياض لمدة سنتين.
تزوجت ولدي اثنان من الأبناء، أسميت أحد ابنائي على اسم “المرشد”عرفاناً له. أخذت أمي وزوجتي لأداء مناسك الحج، لن أنسى وقوفهم بجانبي، أعيش حياة بسيطة ومستقرة مع زوجتي وأبنائي، أقضي وقتي في مساعدة المدمنين على التعافي من خلال وجودي في الزمالة.
أقول لكل أب مدمن: انتبه لنفسك، سترمي أولادك في جحيم المخدرات بيدك، ورسالتي لكل الآباء والأمهات، اجعلوا بيوتكم آمنة ومستقرة، امنحوا أولادكم الحب والحنان، اذا فقدوا ذلك، سيبحثون عنه خارج البيت، وهنا بداية السقوط في الإدمان، انتبهوا لأولادكم.

Top