جريدة البلاد الثلاثاء 08 ديسمبر 2015 العدد 2611
بقلم هدى هزيم: قصة مدمن متعاف، أتمنى أن تكون عبّرة لكل أم وأب وشاب. يرويها صاحب القصة: نشأت في أسرة بسيطة وأب مدمن على الكحول، كان يضرب أمي بقسوة ويضربني مع إخواني لأتفه الأسباب، عشت طفولتي في خوف وقلق، مكسور القلب، أبحث عن الحب والأمان.
في المدرسة كنت وحيداً وخائفاً، كنت أبكي في “اليوم المفتوح” لعدم حضور أبي. كنت مبدعاً في حصة الرسم والرياضة، أعبر عن معاناتي بالرسم، متفوقاً في ألعاب الرياضة، لم يفارقن هاجس البحث عن الحب والأمان، بدأت التدخين في الصف الثالث الابتدائي، أقنعوني أن التدخين ينسيني همي، ثم تعلمت “شم الغراء”، واجهني أبي بضرب مبرح لن أنساه طوال حياتي.
وفي عمر (14) بدأت أشرب الكحول لأهرب من واقعي المرير، بعدها تحولت “الشًلة” الى الحشيش والحبوب، فشلت في المدرسة وعملت بوظيفة في أحد الفنادق في عمر (15)، لأصرف على أهلي، أبي كان دائماً في حالة “سكر”، وأخي الكبير وقع في فخ الإدمان على الكحول والمخدرات، وجدت نفسي مسؤولاً عن أمي وإخواني الصغار. لكن بعد فوات الأوان، حيث أصبح المخدر ملاذي الوحيد للهروب من المشاكل، بدأت أسرق الهيروين من غرفة أخي، وأجربه مع اصدقائي.
بعدها تعرفنا على مدمنين قدامى، وبدأنا أستخدام الحقن، كنا مراهقين ولم نع الجحيم الذي نرمي أنفسنا به، هنا بدأت رحلة العذاب والألم، ووصلت الى حقن نفسي أربع مرات في اليوم، دخلت أقذر الأماكن للحصول على الحقنة، فصلت من العمل وسجنت لمدة 5 شهور لأول مرة بعمر (18) بسبب التعاطي. خرجت من السجن، حينها تخلص جسمي من المخدر، ولكن الإدمان العقلي والروحي كان مسيطرا علي، ازداد شعوري بالذنب تجاه نفسي وأهلي، تعاطيت لأهرب من ذاك الشعور. كرهت نفسي وضعفي من الإدمان، لم أجد شخصا يساعدني ويوجهني، وجدت نفسي أسيراً للمخدر، وكل تفكيري في الحصول على الجرعة التالية، ولما علم أخي الكبير عن إدماني حزن كثيراً وبكى أمامي حسرةً على حالنا، استسلمنا وبدأنا نخطط لشراء المخدر والتعاطي معاً، سافرت للخارج ودخلت أماكن مرعبة وتعاملت مع عصابة خطرة لشراء كمية من المخدر تكفيني وأخي لمدة 3 شهور، ثم قبُض علي تحت تأثير المخدر، ولما صحوت في الحجز، أدخلوني غرفة بها مجموعة من الضباط، كشفوا الغطاء عن وجه أخي، حيث وجدوه ميتاً إثر جرعة زائدة، انهرت وتمنيت الموت، وقضيت في السجن 6 شهور، أصارع الألم الجسدي والنفسي ثم خرجت من السجن بعمر 20، رغبت بالعلاج لكنني لم أجد من يمد يده لي، خجلت من الناس بعد انتشار خبر إدماني ووفاة أخي بجرعة، وكررت نفس الغلطة، عدت للتعاطي وطردت من منزل والدي، وكنت أنام في الشوارع والأماكن المهجورة، حاولت إصلاح نفسي بنفسي، تزوجت فتاة أحببتها واعترفت لأهلها عن ادماني ورغبتي في التوبة، عشنا في منزل والدها، عملت ميكانيكاً، ومسكت نفسي لمدة شهرين فقط، الإدمان كان مسيطرا على عقلي، كنت أظن ان العلاج فقط بالتوقف بينما المرحلة التي وصلت لها تحتاج الى علاج وتأهيل تحت إشراف طبي، لم أكن أعي وأفهم ذلك، رجعت للكحول والتعاطي، ودخلت السجن تحت تأثير المخدر، وخرجت بكفالة، بعدت عن زوجتي خجلاً منها، بعدها بأيام تعاطيت ليلاً وصدمت بسيارتي رجلاً في الشارع، أخذته للطوارئ وهربت مسرعاً قبل ان يلاحظوا أثر التعاطي، توجهت الى بناية مهجورة ونمت، صباحاً وصلني خبر وفاة الرجل، ذهبت للشرطة وسلمت نفسي، سجنت لمدة عام، خرجت من السجن ووجدت صديقي المدمن متعافيا لتعرفه على زمالة المدمنين المجهولين. أخذني اليهم وبدأت رحلتي مع الزمالة. أكمل غداً.