الرئيسية / غير مصنف / من الإدمان إلى التعافي (1)

من الإدمان إلى التعافي (1)

جريدة البلاد – العدد 2610 الأثنين 07 ديسمبر 2015

 

بقلم هدى هزيم: رحلة المدمن من لحظة وقوعه في مصيدة المروجين حتى التعافي، كيف خاض التجربة وذاق الموت والألم الشديد الجسمي والعاطفي؟ كيف واجه أهله الصدمة، معاناته وصولاً للتعافي؟
من ينقذه؟ ماذا يريد بعد أن يعود للحياة ويصبح شخصاً سوياً؟
كل ذلك سأتناوله بقصص مدمنين متعافين في عدة مقالات متتالية، لتوعية كل أم وأب وشاب، لأن القضية لم تأخذ حقها في الجانب التوعوي رغم ارتفاع نسبة المدمنين. يروي لي شقيق مدمن متعاف، معاناة أسرته مع إدمان أخيه، أسردها كما جاءت على لسانه:
نعيش في أسرة مستقرة، يتميز أخي بذكاء وكان من الأوائل على البحرين في الثانوية العامة، في بداية المرحلة الجامعية فوجئت بخبر تعاطيه الحشيش منذ الثانوية، واجهته وتبين أنه يماشي شباباً أكبر سناً منه، أقنعوه بأن الحشيش والحبوب المخدرة لا تسبب الإدمان. نصحته ووقفت بجانبه، لكنه واصل تعاطي الحبوب بخفاء فترة الجامعة الى تخرجه بتفوق وعمله في وظيفة مؤقتة.
في تلك الفترة وصلني خبر تعاطيه الهيروين. لم أصدق، واجهته لكنه أنكر، وخوفاً على أمي وأبي أخفيت الخبر. استمريت بنصحه ومراقبته، بعدها بفترة وجيزة لاحظت تأخره في الحمام، كسرت الباب ودخلت عليه وإذا به ينتفض وبيده الحقنة. كان الأمر مقضياً، عرضت عليه السفر للعلاج دون علم الأهل، قال لي “لست مدمناً والحقنة آخذها مرة بين حين وآخر”. هكذا يعيش المدمن حالة من النكران بسبب إدمانه وإقناع المروجين له بذلك.
في تلك المرحلة ظن أبي أنه يتعاطى الحشيش فقط، تعامل معه بنصح وكان يأخذه يومياً للعمل ليكون أمام عينه، أبي مثالي ورجل أعمال ناجح، لم نتركه وظل تحت رقابتنا المشددة.
وفي صباح أحد الأيام، وجدناه في الحمام، كسرنا الباب، وكان في حالة إغماء بسبب جرعة زائدة، حصل عليها عن طريق عصابة مروجين بالخارج، يقومون بإرسال عنوان الحساب البنكي للمدمن عبر “الواتس اب” وبمجرد استلامهم المبلغ يقوم الوسيط في البحرين بتسليمه بطرق لا تخطر على بال أحد.
كان منظره في الحمام مرعباً ومؤلماً، لم نتمالك أنفسنا، أنا وأبي وأختي، وكاد أبي يموت من الصدمة. أخذناه الى الطوارئ، وتم انقاذه في اللحظات الأخيرة، ومن المستشفى الى السجن.
أوكلنا محاميا لإخراجه من السجن وعلاجه ومنع اختلاطه بالمدمنين والمروجين أصحاب القضايا، وكان تعامل إدارة مكافحة المخدرات في قمة الإنسانية والتعاون.
خرج من السجن، وظل تحت رقابتنا 24 ساعة، أنام في غرفته وأقفل الباب خوفا عليه، وخلال فترة المستشفى والسجن تخلص جسمه من المخدر، لكنه يحتاج الى علاج نفسي وهو أصعب أنواع العلاج. لم نرغب بعلاجه في إحدى الوحدات لأننا سمعنا عدم جدوى علاج الكثيرين بها. وعدناه بإخفاء الأمر عن الأهل وعلاجه بالخارج، لكنه طلب العلاج في جمعية التعافي بمنطقة الحد، وبذلوا جهوداً جبارة لعلاجه، ظل مقيماً فترة في الجمعية وبعد اجتيازه المرحلة الأولى والأصعب من العلاج، استمرت زيارته الجمعية بشكل يومي. زمالة المدمنين المجهولين لعبوا دوراً كبيراً في علاجه ومساندتنا. بفضل من الله اليوم أخي بخير، موظف ويقضي وقته مع أصدقائه من الزمالة، يشاركهم الأنشطة والبرامج العلاجية لمساعدة المدمنين على التعافي.
أوصى الشقيق معاملة المدمن كمريض وليس كمجرم، لأنه ضحية ويمر بمراحل صعبة جدا أسوأ من الموت نفسه، يحتاج الى وقفة انسانية من عائلته ومجتمعه، وأشاد بجهود زمالة المدمنين المجهولين في العلاج والتعافي. وناشد البنوك والشركات الوطنية دعم جمعية التعافي. وأضاف “أخي محظوظ، انتبهنا له مبكراً، وحصل على دعم لا محدود من أسرته، لم يكن وضعنا المادي السبب، وإنما اصدقاء السوء الذين يُدسون من قبل المروجين”. انتبهوا لأولاكم.

Top